top of page
صورة الكاتبLa Cámara Real

دردشة.. علي شط اسكندرية




عبد الرحمن خالد يكتب |

أهلًا ومرحبًا بك عزيزي القارئ..

في أحد الأيام لا أذكر تحديدًا لأنه لن يهمك التوقيت، قام مؤسسو مجلة "الغرفة الملكية" أو بالإسبانية ""La Cámara Real

بالاتصال بي، حيث كنت على صلة قرابة بأحدهم ولن أذكر درجة قرابتي به وحاول أن تتذكر هذا عزيزي القارئ ولتعتبره سرًا، كى لا يظن أحدكم بي سوءًا، طلب منى أن أكتب في العدد الأول مقالة جيدة، كي تجذب عددًا من الزوار لا بأس بهم للمجلة، ومن ثم يكون لي نصيب في هذه الانطلاقة الرائعة للمجلة، لا تبتسم في خبثٍ يا عزيزي فأنا لن اتقاضى أجرًا على كل حال … ألم أخبرك أنه قريبي!

على كل حال تحمست لهذه الفكرة، لأنني سمعت مرارًا عن هذه المجلة قبل تأسيسها من قبل مؤسسيها وكنت أتوق لرؤية التنفيذ كما نتحمس نحن- بفطرتنا - لمولد طفل جديد، طبعًا لم يسبق لي كتابة مقال يقرأه العامة، ربما كنت أرهب وبشدة من كتابة موضوع التعبير لربما لم يعجب معلمتي! على كل حال معلمتي لن تقرأ هذه المقالة أنا واثق من هذا، بالتأكيد طبعًا أنا لا أعلم مدى فشلي أو تمكني من هذا ولكن دعنا نخوض التجربة ولنرى ماذا سيحدث، هل سيطردونني! ربما من يدري ... آهٍ.. كم هذا ممل بالنسبة لي، لعلمك عزيزي القارئ أنا من أولئك المراهقين الذين وبعمرهم الكبير - ١٩ سنة - لا يشعرون إلا بالملل في هذه الفترة ويسعون لكسر هذا الحاجز بأية طريقة ...ربما بطرق مرغوبة أو ربما طرق ليست سليمة.

لعلمك أيضًا يا عزيزي أنا مستمع جيد جدًا وقارئ رائع ومتفاعل وقرأت من الكتب القليل العظيم، وشاهدت المسرحيات.. كم أعشق المسرح يا عزيزي! ، ربما أشاركها معك فيما بعد … لكن الكتابة هذه لم تخطر ببالي أبدًا أبدًا، ودائمًا ما كنت أهرب وأتنصل منها في صمت .

وقد حاولت أن أتنصل من خالي – مؤسس المجلة - من طلبه أن أكتب.. لكنه أصرّ …. يا للكارثة! هل ذكرت للتو شيئا مضحكًا يا عزيزي! لست فاشلاً بالكتابة لهذا الحد لا تضخم الأمور هكذا، على الأقل أنا لا أفشى الأسرار أبدًا.

وطبعًا كمراهق.. حاولت أن أكسر الملل ووافقت، ولعلّك أنت أيضًا جئت لهذا السبب، وأعدك أن نجد حلاً يرضى كلينا، فأنا من أولئك المستعجلون دومًا، عديمي الصبر ...وأحيانا عديمي الفائدة كما تقولها أمي، ستكون مقالاتي عبارة عن "دردشة " نناقش فيها مع بعضنا البعض شيئا من أي هراء قد تصادفه في يومك العادي، بعض من النقاشات الشبابية في هذه " الغرفة الملكية "… .يا إلهى اشعر بالثراء حقًا وأنا أقولها ! ، نقاشات ستكون مجدية و …. ! ، ما بك يا عزيزي هل مللت النقاشات السخيفة وكل هذا الهراء ! لا عليك ….. سحقًا لها فأنا أيضًا أكره النقاشات الغير مجدية.

دعنا من النقاشات الآن سنفكر في أمر نجتمع عليه معًا، سنحاول أن نستمع لتلك الاقتراحات عن طريق صفحة المجلة على " فيس بوك" كي نتكلم عن مواضيع شيقة وهزلية طبعًا، فأنا لا أحب ذلك النوع من المحاضرات المملة، ربما نتكلم عن الفن … التراث … الثقافة … ما رأيك بأم كلثوم؟ كوكب الشرق! لا تعرفها! يا لك من أحمق، لو كان الميكروفون يتحدث لأخبرك من هي! لا مشكلة فحتمًا أنا متأكد بأن داخلك يحمل فنانًا، سنحاول معًا أن نكتشفه معًا، فقط كن في انتظارنا مطلع كل شهر، وأتمنى أن تكون قارئًا متفاعلاً معي لا أكثر ولا اقل، اللعنة! نسيت أن أخبرك بأننا سنتحدث عن بعض الأساطير الإغريقية وربما التاريخية أيضًا، سأحاول أن أكون بصحبتك أيها القارئ، فلا تتركني أنا بانتظارك دومًا..

ولنبدأ باختيار موضوع اليوم عن الفن والتمثيل ولنتحدث عن فيلم عظيم للغاية سمعته منذ فترة ولا زلت أسمعه حتى الآن..

فيلم (إسكندرية ليه) للعبقري يوسف شاهين. سنستعرض سويًا جوانب هذه العبقرية من خلال ذلك الفيلم الرائع والذي سيجعلك تتمنى مشاهدة ذلك النوع من هذا الفن وتبحث عنه بكل شغف..

لأخبرك أولاً عن بعض المعلومات عن الفيلم، الفيلم تم إنتاجه عام 1978 كتابة يوسف شاهين ومحسن زايد وبطولة الفنان محسن محى الدين والذي جسّد شخصية يوسف شاهين، يتميز هذا الفيلم أنه لا يروى سيرة يوسف شاهين فقط، لا.. لكنه يروى أسلوب الحياة في الإسكندرية في فترة الحرب العالمية الثانية أيضًا.

الإسكندرية.. المجتمع الرائع في ذلك الوقت بكل طبقاته وبكل فئات المجتمع والأديان الثلاثة، حتمًا لن تجد مدينة بهذا الرقى والجمال.. أعتقد أن اليهود الذين عاشوا في مصر مازالوا يعشقونها ويعتبرونها حبهم الأول .

"إسكندرية ليه".. رسالة حب للفن، أي فنان يحمل بداخله شغف وحنين لذلك الفيلم في كل مرة يشاهد هذا الفيلم لابد وأنه تأثر وانفعل وربما دمعت عيناه لتلك العظمة الفنية، أي فنان بالسينما او غير السينما وله دوافع فنية تربطه صلة شاعرية بذلك الفيلم.. حاول أن تسمع هذا الفيلم من بدايته لنهايته ، لترى التقلبات النفسية في حياة البطل ، من بداية الفيلم ويبدأ (الكادر) في التركيز على بطل الفيلم وهو يدخل السينما لمشاهدة أحد أفلام هوليوود الكلاسيكية ضخمة الإنتاج ، كل أصدقائه يمرحون بداخل صالة السينما ما عدا هو ..النظرات ..التركيز.. الاندماج.. الشديد. وحب الشاب للفن الذي لم يتلوث بالواقع المرير ولم يصطدم بشراسة الحياة وعنفها.. كل ذلك يدل على أن ما بداخل ذلك الفتى عبقرية ستخرج بعد قليل.

يحيى.. الفتى المراهق الذي يقع بحب الفن بعمرٍ، هو العمر المثالي للوقوع فى حب الفن، والسينما والمسرح والموسيقى والأدب والرسم.. هو ذلك العمر الذي تبدأ فيه باليقين من جمال وروعة الفن الكلاسيكي وروعة الحياة البسيطة ربما..

تكمن قوة الفيلم في تجسيد الإحساس والشغف للسينما بكل صدق وواقعية.. كما ذكرت لك عزيزي أن الفيلم يتحدث عن أسلوب الحياة عامة في ذلك الوقت، لكن أكثر ما يؤثر فيك هي قصة يحيى وحبه للسينما ومعاناته من بداية اكتشافه لموهبته وحتى الخروج من الإسكندرية.

من بداية تمثيله مشهد هاملت بالمدرسة أمام زملائه واندهاش معلم الفصل به، ثم مواجهة والده بأن يحب التمثيل واصطدامه بطموحات والده الذي أراده ان يصبح مهندسًا، ويصدم شغف يحيى ووجدانه بعائلته ومستقبله، دعونا نسلط الضوء عليه وهو سعيد بقبول البرنسيسة شاهينور بدعوته العرض التمثيلي بالمسرح، بكاميرات رائعة تعبر عن سعادته.. وبرغم ذلك روح هذا الفنان المرهف تصطدم بالحياة والفشل وتعاني الانكسارات في أوقات غير متوقعة كما عانى منها يحيى في توقيت كان يحسبه هو لحظة لمعانه وظهور موهبته للعامة، كانت الكاميرا واضحة وهي تعبر عن ذلك الانكسار في عينيه، وحزنه بضياع تلك الفرصة.. يحاول.. يجاهد.. يفعل أي شيء من اجل إنقاذ ماء وجهه أمام الحاضرين.. لكن بلا جدوى. كم هي صعبة لحظات الانهزام، تشعر وكأن روحه رحلت عنه تمامًا.

ومع ذلك يعاني يحيى من رحيل صديقه العزيز.. محسن ، للخارج بإنجلترا للدراسة الذى كان والده باشا "غنى حرب" ،يشعر مرة أخرى بطلنا باليأس والعجز بروح مقتولة وبشعور يائس يودع صديقه على مركب صغيرة بجوار الباخرة الكبيرة ،وكأنها رسالة من المخرج أن يحيى برغم قلة إمكانياته المادية ووالده المحامي المتوسط الحال ، يحاول أن ينافس الباخرة العملاقة ، في مشهد سينمائي رائع للغاية ، أما والد ووالدة يحيى هما الابطال وراء الخلفية بقصة يحيى او بمعنى أدق يوسف شاهين ، لن تجد كلامًا يصف روعة وأداء وعظمة الفنان محمود المليجي والفنانة محسنة توفيق في دور الوالدين ، محسنة توفيق الأم تحاول أن تصنع لأبنائها مستوى اجتماعي ينافس أبناء البشوات والاكابر ، ومحمود المليجي المحامي صاحب المبادئ الذى يرفض أن يتخلى عنها مقابل المزيد من المال ، فيما بعد يضطران لبيع أثاث الشقة من أجل يحيى وأخته ، حاول أن تركز في ملامح محسنة توفيق ونظراته من أجل إرضاء ابنها وطموحاته .

يحيى.. الذي يخوض حوارًا رائعًا مع والده الذي يحاول أن يضغط عليه ليصبح مهندسًا ليتعارض مع ذلك برغبات يحيى وطموحاته الفنية، من منّا لم يخض هذه التجربة وهذا الحوار مع والده؟

والاجمل والأروع أن الوالد برغم ذلك لا يواجه مشكلة مع الفن، بل مشكلته أنه لا يستطيع ان يساعد ابنه للسفر للخارج لكي يدرس التمثيل.. ترى علامات الحزن واليأس على الأب والأم الذين يناقشان تلك الظروف بالغرفة في جو نقاش هادئ وواقعي ويائس قليلاً مع مسحة أمل وضحكة حينما يدخل يحيى وأخته ونظرات الأب -محمود المليجي- وكانه يعد بمحاولات لمساعدة ابنه دون أي كلام .

تلك العلاقة هي المحرك الأساسي والمؤثر بالفيلم.. هم يرفضون دراسته للفن بالخارج وتشجيعه لتحقيق حلمه ليس لأنهم لا يريدون بل لأنهم عاجزون!

ويظهر ذلك جيدًا في عيون الابوين، حزنهم لأن ابنهم سيحصل على مجرد وظيفة ولن يسعى لتحقيق حلمه، حتى أن الأم تعجز عن النظر لابنها وهي تحدثه عن الوظيفة وهو ينظر لها منكسرًا.. يا لعظمة ذاك المشهد!

ثم يأتي قبوله بالجامعة.. ويقررون مساعدته وانه سيسافر حقًا للخارج في مشهد حماسي للغاية ملئ بالحب الأسرى، تشاهد نظرات الأم وهي تقنع والده بسفر يحيى وتنتقد حياة الوظيفة والبنك المملة، وترى نظرات يحيى لها وهو غير قادر على التصديق بأنها تدعمه كل هذا الدعم، ويكتشف لأول مرة بأنها كانت مؤمنة به منذ البداية!

وتتجمع عائلة يحيى لتدبير أموال للسفر، فى مشهد رائع ملئ بالبطولة والتضحية لكي ساعدوا ابنهم ليحقق حلمه، ثم …

لن افسد عليك هذه اللقطة الرائعة حينما ينتقل (الكادر) إلي جدته التي كانت تنتقد الكل طوال الفيلم !

ويسافر الأب مع ابنه القاهرة لتجهيز أوراق السفر، في مشهد أيضًا ملئ بالشغف والحب، في نظرات من الأب والأب لابنهم بدون كلام.. نظرات طيبة وإشفاق وحب.

حب جميل وعذب من أب لابنه وهو يراه سعيد ومتحمس لتحقيق حلمه، كأنما يرى كل جمال الدنيا فيه.

وأخيرًا وضعوه على مركب لتحقيق حلمه.. في عجلة تامة، ويودع عائلته في براءة عظيمة كبراءة الأطفال وتنازل عن كبرياء المراهقة.

وفى النهاية أجمل جملة بالفيلم من والد يحيى وهو يودعه بالميناء.. "أنا هشاورلك بالجامد كده، عشان تعرفني "

يا لروعة هذه الجملة، كلما اسمعها أبكى من جمال هذا المشهد، وتلك المشاعر الراقية.

إحياءاً للسينما وإحياءاً للمشاعر والشغف بالحياة والفن.

وأخيرًا.. أنصحك يا عزيزي لرؤية الفيلم.. طبعًا ستجد به العديد من الانتقادات بلا شك، لكن حاول أن تركز على أفضل ما بالفيلم ألا هى قصة يحيى.

1 commentaire


Basmala Kasem123
Basmala Kasem123
20 août 2021

مقال جميل جدا و اسلوب رائع .. شكرا للمجلة و القائمين عليها 😍😍

J'aime
bottom of page